الجمعة، 23 سبتمبر 2011

العنصرية في التطبيب تتجلى في قرار الصحة

تسير الكويت بخطىً ثابتة نحو ترسيخ مفهوم العنصرية في مجتمعنا ، و من أهم محطات هذه المسيرة كانت عام ١٩٩٦ عندما صدر قرار يمنع صرف قائمة من الأدوية لغير المواطنين. و قد تتوّج ذلك كله مؤخراً بقرار رسمي يقضي بإقصاء فئة كبيرة من المقيمين عن المراكز الصحية الحكومية ابتداءً من عام ٢٠١٦. جاء هذا القرار مترجِماً لرغبة السلطة و بضغط من قطاعات في المجتمع ، و قد جرت محاولات لتجميله بإجراء تعديلات هنا وهناك ، إلا أن بشاعته جليّة ، فهو عنصري بالدرجة الأولى و مشروع لاضطهاد مستضعفي المجتمع. ينص هذا القرار على تأسيس شركة ضمان صحي تملك الدولة ٢٦٪ من أسهمها، بحيث تتكفل بإنشاء مستشفيات و مستوصفات لرعاية قطاع كبير من المقيمين ، و لا يحق لهؤلاء التوجه للمراكز الصحية الحكومية ، و سيتحتم عليهم دفع مبلغ ١٣٠ دينار سنوياً يزداد بمعدل ١٠ دنانير كل عام كضمان صحي بدل الخمسين دينارا التي بالكاد يستطيع بعضهم سدادها حالياً! إذاً هو قرار يُجرد أكبر شريحة في المجتمع من حقها في تلقي علاج يماثل الذي يتلقاه الآخرون ، و يفرض عليها تلَقيه من جهة واحدة بناء على الجنسية و ليس على منطقة السكن كما هو جارٍ حالياً و يستنزف مواردها المالية المحدودة أصلاً.
صدور قرار من هذا القبيل ما كان ليكون يسيراًً لو كان للمعني بالأمر صوت مسموع و في ظل تفشي مبدأ الرشاوي أكاد أجزم بأن هذا المشروع لن يخلو منها ، فالأرباح خيالية و يستحيل أن يُفوّت هذه الفرصة عبدة المال.
هنا تبدر لذهني بعض التساؤلات :
١: إحدى المبررات التي سيقت للتفكير في هذا المشروع هي تقليل تكلفة الخدمات الصحية مع أن دراسات وزارة الصحة تُثبت أن شريحة
الوافدين هي الأقل تكلفة من مجمل تكاليف الوزارة ، تبلغ ٢٥٪ ، فما حقيقة الأمر؟
٢: هل سيستطيع المقيمون سداد مبلغ كهذا ؟
٣: هل سيكون القرار عامل طرد جديد للمقيمين ؟ و هل نحن على استعداد للقيام بأعمالهم ؟
٤: هل نحن مقبلين على مرحلة ازدهار أكبر للفساد و وسائل التكسب الغير شرعي في محاولة البعض سداد هذا المبلغ ؟
٥:هل سيُرغم الأطباء على التخلي عن أخلاقيات المهنة و القَسم ؟ ما التصرف المطلوب في حال لجوء مريض من قائمة
المستبعدين لطبيب في مركز حكومي ، سواءً كانت حالته طارئة أو لم تكن ؟ هل يمتنع عن علاجه ؟
٦:هل غابت عن المسئولين حقيقة أن سِجل الكويت في مجال حقوق الإنسان مُخزٍ لا يَسُر و أن قراراً كهذا سيضاف لقائمة "انجازاتنا" ؟ هل
تناسوا الإتفاقيات الدولية التي تمنعنا من إقرار مشروع كهذا ؟

المؤلم في القضية هو أن التوجه هذا لا يعكس رغبة الجهات الرسمية فحسب ، بل لاحظت باشمئزاز أن القرار يحظى على شعبية لا يُستهان بها في الشارع الكويتي و أشد ما أخشاه هو أن يكو لذلك صدىً في الوسط الطبي !

أخيراً و ليس آخراً ، لا يملك أحد اً أن يزايد على الحس الإنساني للدكتور هلال الساير ، فما "بيت عبدالله" و "KACCH" ، إلا أكبر دليل على ذلك حيث تختفي أشكال التمييز كافةً بين الأطفال ، و لا يملك أحداً أن يشكّك في وطنيته ، لذا لا زلت عاجزة عن استيعاب ما يجري.

هناك 4 تعليقات:

غير معرف يقول...

أهم ما نسيه صاحب القرار الرحمة
فربما ربنا يرحمنا ويحفظنا ويحمينا لأننا نعالج هذا العامل الفقير وربما دعاء أحدهم فيه إبعاد خطر عنا وعن بلدنا.
مع الأسف العمل وفق تفسيراتنا المادية والحساب بمنطق الربح والخسارة والفلسفة الحسابية للأمور تنسينا أشياء أهم كالبركة.

اشحقه يقول...

اتفق معك عزيزي t7l6m
انجرف الجميع عن دراية أو سذاجة لخدمة سُراق البلد ، أكبر المستفيدين من هذا القرار ، و قد تتضح الحقيقة بشكل أكبر لكن بعد فوات الأوان .

غير معرف يقول...

اسلوبج في الكتابه حلو

منع صرف الادوية لهم انا معاج ان قرار غير انساني

لكن بنسبه لعدم السماح لهم بالدخول مستوصفات المواطنين اعتقد هشي عادي جدا ومن حقنا .. فانا كمواطنه لي الاسبقيه والاوليه في كل شي .. هذي ديرتي اذا بقعد انطر ساعه ساعتين عند طبيب الاسنان وكل الي قبلي وافدين وانا بديرتي فهذي مشكله فعلا

اشحقه يقول...

عزيزتي krkor أشكرك على هذه الزيارة و على التعليق .
أُدرك أن الكل يعاني من قضية التأخير في تلقي مختلف أنواع العلاج ، كما أُدرك أننا جميعاً نحاول أن نجد مخرجاً من ذلك فتتعدد اجتهاداتنا .

شكراً مرة أخرى مع تحياتي