الاثنين، 24 أكتوبر 2011

أزماتنا السياسية المتتالية .. هل من بارقة أمل ؟

فداحة المشاكل التي نعاني منها كشعب و تتاليها ، و انتشار وسائل الإعلام التي لا تطالها الرقابة ، أظهرت من هذه المشاكل ما كان خفياً ، فاستثارت غضب من لا يُستثار ، و أخذ الكل يدلي بدلوِه في محاولة إيجاد مخرج مما نحن فيه .و اشتهر من الحلول ما يرمي لإزاحة رئيس الحكومة. هذه المطالبة العادلة ، تبدو للوهلة الأولى أنها مُختصِرةً للطريق نحو الحل ، و هي بالفعل مختصرةً للطريق ، إنما نحو حل متواضع ، قصير المدى.فاستبدال الأشخاص لا يُقوّم السياسات ، و الفساد وسوء إدارة الدولة و العجز عن تجاوز الأزمات نمط ثابت اعتدناه ، لم يرتبط بشخوص رؤساء الحكومات السابقة ، لكن الأضواء لم تكن مسلطة آنذاك كحالها الآن و بالطبع لم يكن تورطهم الشخصي كما هو الآن.نحن بحاجة لأن نسلك طريقاً موازياً لذاك الذي اختزل المشاكل في شخص ، طريقاً أقل جاذبية لأنه طويل و وعر ، نحن بحاجة لأن نستثمر وجود الدستور فنُفعّله و نستقي منه الحلول و نمارس صلاحيتنا كناخبين في التوجيه و الضغط على النواب لتقويم أدائهم و حملهم على تنفيذ رغبات الشعب.نحن بحاجة لأن نوصل رسالة واضحة موحَدة للسلطة تبرز إجماعنا على الحل الذي سيتبناه نوابنا.لكن ذلك لن يتأتّى إلا باستنهاض همة أفراد الشعب كافة من خلال خطاب راقٍ واضح بعيد عن الشعارات المبهمة و الإسفاف.و لنا في أحداث عام ١٩٨٢ ما يدعم ذلك.  
خلال تلك الحقبة بلغ التضييق على الحريات درجة لا تُطاق ، و تم التقسيم السيئ للدوائر الانتخابية لتسهيل عملية شراء الأصوات و ضمان أغلبية حكومية في المجلس.فكان أن انتعش مُوالو السلطة بأصنافهم ، من "اسلاميين" و غيرهم ، و ملؤوا المجلس في فصله التشريعي الخامس بينما تقلص عدد النواب الوطنيين.في ذلك الجو كان من اليسير على السلطة ، نظرياً ، تمرير مشاريعها "المشبوهة".فتقدمت بمشروع فجّ يستحيل أن تتجرأ على تقديمه لولا قناعتها بإمكانية نجاحه .كان المشروع تنقيح للدستور بتعديل ١٧ مادة مما يؤدي إلى توسّع صلاحيات السلطة التنفيذية لتطغى على التشريعة ، أي أنه انقلاب على الدستور.و مثلما تنبأت الحكومة ، كان لها أن استحوذت على ٣٧ صوتاً مقابل ٢٧ لصالح المشروع في مداولته الأولى ، أُحيل بعدها للجنة الشؤون التشريعية و القانونية للبت فيه.في تلك الأثناء بلغ استنفار الجميع مداه ، فبادرت المؤسسات المدنية بالتوعية بخطورة هذه الخطوة و بالتعبئة لممارسة الضغط على كافة النواب ، و أٰصدرت البيانات و أٰقيمت الندوات و اللقاءات ، و أخذ الشباب على عاتقهم المرور على كل نائب في ديوانه للدفع باتجاه رفض المشروع ، و وجّه السيد جاسم القطامي و الدكتور أحمد الخطيب رسالة مباشرة للنواب تبين خطورة المشروع و تحثهم على التصدي لمحاولة نسف الدستور هذه و تعلن مساندتهم لهم في هذا المسعى. و كان للشعب ما أراد ، فرُفض المشروع في اللجنة و سحبته الحكومة بعد أن بات واضحاً فقدانها الأغلبية في التصويت برضوخ النواب لإرادة الشعب..و الأمثلة كثيرة على إمكانية تحقيق رغبة الشعب حال توفُر الإجماع الشعبي الحقيقي.

هناك تعليق واحد:

غير معرف يقول...

Stfu